منتديات سيلفر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات سيلفر


 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 صراع السلطة يفتح ازمة الهوية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد السيد نصار

احمد السيد نصار


عدد الرسائل : 44
العمر : 43
تاريخ التسجيل : 05/12/2007

صراع السلطة يفتح ازمة الهوية Empty
مُساهمةموضوع: صراع السلطة يفتح ازمة الهوية   صراع السلطة يفتح ازمة الهوية Emptyالثلاثاء يناير 01, 2008 8:12 am

بقلم / احمد السيد نصار



كثير من التشوهات والثغرات الدستورية التي تعرقل عمل المؤسسات نشأت عن الممارسات الرئاسية قبل الطائف. لقد جرت تعديلات هدفها الحد من مركزة القرار في يد شخص او فريق طائفي. وتعويضاً عن نقص صلاحيات الرئاسة، التي كانت بنظر فريق واسع من المسيحيين بمثابة «ضمانات» لعدم الهيمنة والطغيان، جرى الإقرار بمبدأ المناصفة المسيحية ـ الإسلامية ولم تُنزع يد المسيحيين الموارنة تحديداً عن المفاتيح الأساسية في الإدارة.
بل إن مبدأ المداورة في المواقع الإدارية لم يطبق حرصاً على طمأنة المسيحيين إنهم غير مستهدفين، كجماعة، من وراء الاصلاحات. الخلل الأساسي الذي نشأ في ممارسة الطائف هو عدم بلورة المؤسسة التنفيذية (او الإجرائية) كقيادة جماعية، والجزء الأساسي من هذا الخلل نشأ عن قانون الانتخاب ومحاصرة تيارين رئيسيين في الشارع المسيحي.
نادراً ما خالف رؤساء الجمهورية الدستور بل إنهم لم يخالفوا النص الدستوري الذي كان يعطي الرئيس صلاحيات واسعة، وغالباً ما مارسوا صلاحيات أقل. لكن الشكوى من دور الرئاسة كانت شكوى ميثاقية. الصراع السياسي الذي دار خلال مرحلة الحرب الأهلية تمحور حول شعار «المشاركة». مطلب المشاركة كان مدخلاً لمعالجة الملفات الكبرى التي كانت موضع خلاف، بما في ذلك الملف الفلسطيني الذي كان الأكثر حدة وحرارة. عدم الاستجابة لهذا المطلب أدى إلى شل الدولة وقرارها الوطني، فتعذّر معالجة أي قضية او ملف. أضعف هذا الوضع الولاء الوطني لدى جميع الفرقاء فذهبوا في إثبات وجودهم إلى استدراج دعم الخارج والتماهي معه أحياناً كثيرة. خرج المسيحيون على الميثاق الوطني وخرج المسلمون على الدولة. نكاد اليوم نكرر التجربة ذاتها بين فريقي الصراع. الموالاة تتجاوز الميثاق والمعارضة تتجاوز الدستور. الدولة معطّلة والمجتمع منقسم والبلاد تدفع ثمناً باهظاً لذلك. ولا يملك أي من الفريقين القدرة على تغليب خياراته ومنطقه السياسي.
لا مخرج من هذا المأزق الوطني إلا بالتسوية، والقضية الآن هي ما إذا كانت هذه التسوية ستتم بوعي الحاجة إليها وبإدراك لحتميتها بشكل سلمي أم هي ستقود إلى صدام يعيد بلورة توازنات القوى؟.
حتى هذه اللحظة لا أحد من فرقاء الصراع يرغب في تعريض لبنان إلى امتحان القوة. لكن عدم الاستجابة لمقتضيات الحل السياسي، وللشراكة في حدود أحجام القوى البرلمانية، سيؤدي إلى التنكّر لقواعد اللعبة الحالية والخروج عليها. فإذا وصلت البلاد إلى هذا المستوى من الانغلاق على احتمالات الإدارة المشتركة بين قوى واسعة التمثيل شعبياً فسنكون بصدد مطالب تتعلق بتغيير شكل التمثيل السياسي وطبيعته، وربما نكون أمام طروحات أكثر جذرية فيما خص حقوق الطوائف باتجاه فيدرالية من النوع السيئ الذي يقفل على اللبنانيين أسوار طوائفهم ويبقي المشكلات الوطنية الكبرى من دون حل.
بعد ثلاث سنوات من تكوين الأكثرية النيابية بالصورة التي تمت من خلالها هذه النتيجة، لم تنجح في الإمساك بالسلطة ولا طبعاً في تحويل مجرى الأحداث في مصلحة ما تعتبره مشروعها السياسي لمستقبل لبنان.
إن إصرار الأكثرية النيابية على أولوياتها هي لحل الأزمة يستنزف البلاد دون طائل. فما كان صعباً من قبل يصبح أكثر صعوبة كلما زادت أزمة الثقة والحذر من جهة، وكلما اعتاد اللبنانيون على نظام حياة خارج الدولة المركزية وأخذوا يتكيّفون مع الفراغ الدستوري. بل إن ما بقي من مؤسسات ترمز إلى وحدة البلد وتجسّد هذه الوحدة، كمؤسسة الجيش، لن تكون بمنأى عن تأثيرات مناخات التفكك وغياب المرجعية الوطنية. لكن الأخطر من ذلك كله أننا نعيش في محيط تتجاذبه عواصف سياسية تنذر بالمزيد من صعود قوى التطرف والثقافات الحصرية النابذة للتسامح وللتعايش والمتوسلة العنف. إن فشل التجربة اللبنانية سيتأثر ويؤثر سلباً على ما يمكن ان يُتصور لإعادة بناء النظام الإقليمي. ونكاد نقول إن إسرائيل التي تفتقد جزءاً من هيمنتها العسكرية ومن هيبتها على دول الجوار، تنجح الآن في تعميم نظرتها السياسية لمستقبل النظام العربي كله إذا صارت الهويات الطائفية هي الملاذ من أزمة بناء الدولة الوطنية الحديثة الديموقراطية الحاضنة للتعددية. ولن يكون أي نظام بمنأى عن ذلك إذا انحدرنا في الهوية إلى ما دون الكيانات الوطنية الحالية.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صراع السلطة يفتح ازمة الهوية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سيلفر :: المنتديات العامة :: المواضيع العامة-
انتقل الى: