بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلنا يعلم أن السنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع الإسلامي لكن ما هي السنة؟
تعريف السنة :
السنة لغة: الطريقة والعادة؛ قال تعالى(قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض) أي: طرق.
كما يقال في اللغة:"سن الإبل" أحسن رعيها والقيام عليها،و"سن النصل"حدده وصقله.
وهذه المعاني اللغوية تتفق والمعنى الإصطلاحى؛فإن ما واظب عليه النبي "صلى الله عليه وسلم"فقد اتخذه طريقة له، وما أثر عنه فقد صقله علماء الحديث وخلصوه من كل دخيل.
أما في الاصطلاح: فتطلق على ما يلي:
1- تطلق على ما يقابل القرآن....
ومن ذلك: قوله "صلى الله عليه وسلم(يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا فى القراءة سواء فأعلمهم بالسنة).
2- تطلق على ما يقابل الواجب في العبادة....
وعرفوها بأنها ( ما واظب النبي "صلى الله عليه وسلم"على فعله وتركه أحيانا لغير عذر دلاله على عدم الوجوب)، وما لم يواظب عليه فمندوب أو مستحب رغب فيه.
3- تطلق على ما يقابل البدعة...
يقال :أهل السنة، وأهل البدعة.
4- تطلق عند المحدثين على أقوال النبي "صلى الله عليه وسلم" وأفعاله وتقريرا ته.
5- وأما عند علماء الأصول فهي الدليل الثاني من أدلة الأحكام الشرعية بعد القرآن الكريم...
وعرفوها بأنها( ما صدر عن النبي " صلى الله عليه وسلم" من الأفعال أو الأقوال التي ليست للإعجاز).
أقسام السنة
تنقسم السنة المطهرة إلى عدة أقسام؛وذلك تبعا لاعتبارات التقسيم...
أولا: باعتبار الذات:
تنقسم السنة بهذا الاعتبار إلى:
1- سنة قولية:
وتتمثل فى الأحاديث التى قالها الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم"وترتب على قوله حكم شرعى.
مثل:قوله " صلى الله عليه وسلم"( إنما الأعمال بالنيات)وغيره من الأحاديث النبوية الشريفة التى قالها رسول الله"صلى الله عليه وسلم".
2- سنة فعلية:
وهى أفعال الرسول "صلى الله عليه وسلم"فى شئون العبادة وغيرها وترتب عليها حكم شرعى.
مثل: أداؤه "صلى الله عليه وسلم"للصلوات الخمس بكل ما فيها.
3- سنة تقريرية:
وتتمثل فى جميع ما أقره رسول الله"صلى الله عليه وسلم، سواء كان ما أقره الرسول فعلا أو قولا.
وأمثلة على ذلك كثيرة، منها: إقرار الرسول "صلى الله عليه وسلم للرجلين اللذين صليا فأعاد أحدهما الصلاة ولم يعد الآخر.
روى أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه أنه خرج رجلان فى سفر وليس معهما ماء، فحضرت الصلاة فتيمما صعيدا طيبا، ثم وجد الماء فى الوقت، فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة، ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله "صلى الله عليه وسلم" فذكرا ذلك له"صلى الله عليه وسلم"، فقال"صلى الله عليه وسلم"للذى لم يعد (أصبت السنة)، وقال للآخر(لك الأجر مرتين).
ثانيا: باعتبار السند:
تنقسم السنة بهذا الاعتبار إلى قسمين:
1- سنة متصلة الإسناد.
2- سنة غير متصلة الإسناد.
والقسم الأول- وهو السنة متصلة الإسناد- تتنوع إلى ثلاثة أنواع:
الأول: سنة متواترة.
الثانى: سنة مشهورة.
الثالث: سنة آحاد.
وهذا التقسيم عليه عامة الأحناف.
أما جمهور الفقهاء: فالسنة عندهم تنقسم إلى قسمين فقط:
الأول: سنة متواترة.
والثانى: سنة آحاد.
وحيث إن هذا التقسيم مجرد اصطلاح اصطلح عليه الفريقان فلا مشاحة فى الاصطلاح.
أولا: السنة القولية:
هي أقواله صلى الله عليه وسلم وخُطَبه في المناسبات والأغراض المختلفة؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: (( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه )).
وقوله صلى الله عليه وسلم في البحر: (( هو الطهور ماؤه الحل ميته )).
وقوله صلى الله عليه وسلم في زكاة الزروع: (( فيما سقت السماء والعيون أو كان عَثَرِيًّا: العشر، وما سقي بالنضح: نصف العشر )).
ثانيا: السنة الفعلية:
هي أفعاله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي نقلها عنه صحابته؛ كأفعاله في الوضوء، والصلاة، والحج، وما إلى ذلك...، غير أن أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ليست كلها سنة يجب اتباعها والاقتداء بها؛ ولهذا انقسمت أفعاله صلى الله عليه وسلم إلى ثلاثة أقسام، على النحو الآتي:
أولا: ما صدر عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أفعال خاصة به
وهذه ليس لغيره من الأمة اتباعها، وذلك كوصاله الصيام في شهر رمضان، فقد كان صلى الله عليه وسلم يصوم اليومين وأكثر من غير أن يأكل بينهما، وهو في نفس الوقت ينهى أصحابه عن ذلك؛ لاختلاف حاله صلى الله عليه وسلم عن غيره من الأمة، وكتزوجه بأكثر من أربع نساء، وكتهجده بالليل، حيث كان التهجد بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم يعد فرضا، كما يدل على ذلك قوله تَعَالَى: {يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا * إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} [المزمل 1: 5].
ثانيًا: ما صدر عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحكم بشريته
كالأكل والشرب والنوم، وما إلى ذلك... فهذا النوع من الأفعال، وإن كان لا يعد تشريعًا ولا يجب التأسي به، إلا أنه وُجدَ من الصحابة مَنْ كان يقتفي أثره صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ محبة فيه، وحرصًا على اتباعه، كعبد الله بن عمر - رضي الله عنهما.
كذلك يأخذ حُكْمَ هذه الأفعال ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم بناء على خبرته وتجاربه في شئون الحياة؛ كالنواحي الزراعية، والتجارية، والتدابير الحربية، وما إلى ذلك... مما لا يجب فيه الاقتداء شرعًا.
ثالثًا: ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم وقصد به التشريع والاتباع، وهو نوعان:
1- أفعال وردت بيانًا لمجمل ما جاء في القرآن الكريم، فما صدر عنه صلى الله عليه وسلم من أفعال خاصة بالصلاة كانت بيانًا لمجمل قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة} [ المزمل: 20 ].
وما صدر عنه من أفعال خاصة بمناسك الحج كانت بيانًا لقوله تَعَالَى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} [ آل عمران: 97 ].
2- أفعال فعلها الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابتداءً، فعلى الأمة متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيها، والتأسي به؛ لقوله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [ الأحزاب: 21 ]، وهذا إذا علمت صفته الشرعية.
مثال ذلك قول عمر حينما كان يقبل الحجر الأسود في طوافه: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك[size=12].
الجمعة ديسمبر 28, 2007 6:35 am